امنشاة سلطان الاحد9-8-2009
اجمدشعبان رجب
الصينيون قادمون
لمشهد بدا عبثياً علي الأقل بالنسبة لي، فبعد الغزو الصيني للعالم كله، بدا من الفرائض اليومية
علي صلواتك الخمس، أن تشاهد منتجاً صينياً ترتديه أنت أو أحد من تعرفهم، أو علي الأقل إن
كنت وطنياً مصريا قومياً عربياً تشتري المنتجات المصرية أو العربية فإنك ستشاهد بائعاً ما يبيع
سلع إخواننا الصينيين.
لا بأس، فالتجارة الحرة أصبحة هي الأساس الأول لتجارات دول العالم، كما أن العادة المصرية
والعربية عموماً تنطبق هنا حيث الكبير يغلب !!
ما شاهدته في قريتى بدا صدمة كبيرة لي، إن لم تشاركوني بعد قراءتكم
ما أكتب هذه الصدمة الموجعة. وحين تتبعت آثار الصدمة فقد وجدت نفسي مبالغاً في ردة فعلي
الإنسانية بالمقام الأول الوطنية ثم العربية في المقام الثالث.
في شارع بدا معبراً بقليل من أصولية القرية المصرية التي تمشي فيها حيوانات الفلاح بجانبه في
آخر النهار بعد يوم عمل شاق في أرضه، فوجيء أهالي القرية بثلاثة صينيين، امرأتان ورجل!!
لم يكن هؤلاء في مهمة عمل تتبع برنامجاً تنموياً لا سمح الله. إنما جاءوا في تجارة حاملين
بضائعهم الصينية التي لم يحتملوا هم أن تأتي بمفردها للقري والنجوع وحواري القري المصرية.
كان الثلاثة يحملون أجولة علي ظهورهم وعند مدخل أحد شوارع القرية ، أنزل الصينيون
أجولتهم يرتبون بضائعهم لبيعها لأهالي القرية. وكأي قرية يلعب الأطفال في شوارعها ليل نهار،
تجمع الأطفال في لحظات بالعشرات!! قريباً من الثلاثي الصيني المرح!!
وكأي صينييون يحملون نفساً طويلاً كحكومتهم تماماً استمر الصينيون في ترتيب بضائعهم، إلا أن
الأطفال وكأنهم لأول مرة يشاهدون بشراًيحملون ملامحاً غير مصرية، من التي يشاهدونها ليل نهار.
ظنوا أنها كائنات نزلت من السماء إلي الأرض لتحل الدمار ويأتي هذا لينقذهم بينما يحقق
كونان في من سهل مهمة الأعداء ويدفع الكابتن ماجد الكرة بقدميه نـحوهم!! نهايته أنهم لم يصدقوا
أن أمامهم بشراً مثلهم!!
بدأ أول الأطفال بأخذ حجارة من الأرض وإلقاءها نحو الصينيين فلم تصبهم، وفجأة وكأن الأرض
انشقت بثورة الأطفال المصريين، حملت الحجارة كلها من علي الأرض يأياديهم وألقيت نحو
الصينيين الثلاثة !!
فوجيء الزوارالثلاثة بالطبع بموقف أطفال القرية!! فما كان منهم إلا أن جمعوا بضاعتهم
مستعدين للانصراف!! إحداهن حاولت أن تدافع عن كرامتها فجرت نحو الأطفال محاولة أن توقف
غزوهم الحجاري إلا أن الأطفال لم يتحركوا!! فوجئت أنا شخصياً بشتائم مصرية أصيلة تنطقها
الصينية وهي كلمات من تلك التي يرددها المصري عندما يخرج عن كل شعوره !!
لم يتحرك الأطفال ولم ينجح غزوالمرأة الصينية الدفاعي، فجروا نحو الطريق الرئيسي للقرية
راحلين عن قرية أطلقت أطفالها الثوار نحوهم!!
كل هذا وبعضُ من رجال ونساء القرية يشاهدون المعركة الدامية، وأنا بينهم أقف متأملاً مشهداً
عبثياً كهذا يحدث هذه الأيام !! لم أتحرك كما لم يتحرك قرائني من رجال القرية !! فالمدافع عن
حق هؤلاء في الصينيين في البيع علي أراضي مصرية مستقلة هو خائن بطبيعة الحال !!
حين راجعت الموقف في عقلي الباطن فإني تذكرت حواراً دار بيني وبين أحد الشباب الطموح في
هذه القرية، حيث سافر هذا الشاب إلي دولة خليجية في مقتبل حياته حيث عمل هناك وجمع مبلغاً
محترماً من المال ليقوم بعمل مشروع ما في قريته. إلا أنه وبعد عودته إلي مصر ظل سنتين يحاول
أن ينتهي من أوراق مصنع للبلاستيك الخفيف إلا أنه فشل إلا بعد أن دفع المعلوم ( رشاوي )
لأصحاب الرأي والقرار والتصاريح في المدينة التي تتبعها قريته جغرافياً ونظامياً.
المصنع افتتح الآن ويعمل به عشرة شباب هذا غير الموزعين والمستفيدين. أتساءل الآن من
سمح بدخول هؤلاء الباعة المتجولين إلي قرية مصرية في محافظة نائية ليبيعوا بضاعتهم
الصينية التي تغزو أسواقنا من الأساس!! ومن عطل أوراق المصري الشاب الطموح الذي أراد
أن يبدأ في مشروعٍيفيده ويستفيد منه شبابٌ غيره!!
إننا أمام خيانة من الداخل المصري، ونتاج تجارة حرة أتت علي بلادنا بما لا يرضاه عقل أو
إنسان مصري كان أو عربي!! فالصينيون والآسيويون عموماً انتشروا في مصر منذ سنوات
عدة، وزادت أعدادهم هذه الأيام بطريقة ملحوظة. يتصارعون مع أبناء الأرض علي وظائف قد
تكون مرموقة وقد تكون امتلاكاً وطنياً مصرياً كموظفي الفنادق والحمامات العامة